2013 .. جوائز أدبية وفكرية تكرس إبداعية الثقافة المغربية وتحفز على عطاء متجدد

(إعداد : نزار الفراوي)

الرباط- واصلت الثقافة المغربية، في مختلف تجلياتها الإبداعية والفكرية، حصد الاعتراف بقيمة رموزها ومنجزاتها الحديثة، عربيا ودوليا، على الرغم من حالة عدم الرضا المزمنة لدى منتجيها ومستهلكيها على السواء، تجاه أعطاب واختلالات الحقل الثقافي الوطني.

بين من يعتبرها حصيلة مجهودات وإبداعات فردية معزولة، ومن يعدها حصيلة مستحقة لحيوية متراكمة لفنون التعبير الإبداعي والإنتاج الفكري والثقافي، تنوع حصاد المبدعين والباحثين المغاربة، خلال سنة 2013، بين جوائز تقديرية ومبادرات تكريمية لأسماء أجادت وتفوقت في مجالات اشتغالها، فتجاوز صداها حدود البلاد.

وعلى بعد أيام من توديع السنة الجارية، أحرز الشاعر محمد بنيس جائزة “ماكس جاكوب” المتميزة للشعر، التي تمنحها جمعية أصدقاء الشاعر ماكس جاكوب (1876 ـ 1944) في فرنسا.

ونال الشاعر محمد بنيس هذه الجائزة عن ديوانه “المكان الوثني”، في ترجمته الفرنسية، التي أنجزها برنار نويل بتعاون مع المؤلف، وصدرت في شهر يونيو المنصرم عن دار لاموريي في فرنسا. وتشكل هذه الجائزة اعترافا بالعمل الشعري لمحمد بنيس وحضوره في اللغة الفرنسية، بعد أن صدرت له فيها عدة أعمال.

وحصل على الجائزة شعراء مشهورون أمثال ألن بوسكيه، ميشيل دوغي، هنري ميشونيك، صلاح ستيتيه، ماري ـ كلير بانكار، جان ميشيل مالبوا، بول دو رو، فيليب دولافو، عبد الوهاب المؤدب، برنار نويل، جان بيير سيميون، إوزدمير إنس، أدونيس.

ولعل تتويج الكاتب المغربي فؤاد العروي بجائزة أكاديمية غونكور (أرفع جائزة أدبية بفرنسا) للقصة عن مجموعته “قضية سروال الدسوكين الغريبة”? التي صدرت عن دار جوليار، كرس مكانة الأدب المغربي الناطق بالفرنسية في خريطة الإبداع الفرانكفوني.

وبهذا التتويج الرفيع? انضم فؤاد العروي إلى مواطنيه الطاهر بنجلون الحاصل على غونكور الرواية عام 1987، وعبد اللطيف اللعبي الذي حصل على غونكور الشعر عام 2009.
وبموازاة الإشعاع الثقافي الوطني ما وراء الضفة الشمالية للمتوسط، سجلت الثقافة المغربية حضورها المحترم في محيطها العربي الطبيعي، من خلال فوز الباحث المغربي عادل حدجامي بجائزة الشيخ زايد للكتاب (فرع المؤلف الشاب) التي ترعاها هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة.

واستحق الباحث المغربي هذه الجائزة عن كتابه “فلسفة جيل دولوز عن الوجود والاختلاف” الصادر عن دار توبقال للنشر.

وحسب مجلس أمناء الجائزة فقد نال حدجامي هذا الاستحقاق الأدبي “تقديرا له على مؤلفه الفلسفي والبحثي الذي ينم عن ذكاء قرائي يمكن المتلقي من النفاذ إلى العالم الفكري لفيلسوف كبير يعد من الفلاسفة المعاصرين البارزين”? مشيرا إلى أن حدجامي يعد “بلا شك من باحثي المستقبل الذين سيضيفون إلى المكتبة الفلسفية العربية دراسات ومباحث جادة”.

ولم تتخلف المرأة المغربية، المبدعة والباحثة، عن توقيع حضورها في عوالم التميز، على الصعيد العربي، إذ حصلت الباحثتان المغربيتان حكيمة الحطري وأسماء لمرابط جائزة المرأة العربية في العلوم الاجتماعية لسنة 2013، والتي تمنحها منظمة المرأة العربية بالقاهرة.

وفازت الحطري والمرابط بالجائزة، التي تمنحها المنظمة مرة كل ثلاث سنوات لأجود عمل يترجم بطريقة بحثية أكاديمية قائمة على التوثيق ورد الحقائق إلى مصادرها الأصلية في قضية من قضايا المرأة العربية المسلمة، على التوالي عن كتابيهما “سبل تفعيل دور الكفاءات النسوية المسلمة خارج العالم الإسلامي في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة”، و”النساء والرجال في القرآن .. أي مساواة ؟” الصادر باللغة الفرنسية.

ومتأخرا أتى الاعتراف، لكنه أتى. فقد نالت الكاتبة المغربية المخضرمة خناثة بنونة “جائزة القدس”، التي يمنحها سنويا الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
وتسلمت الأديبة المغربية هذه الجائزة التي تمنح لأديب أو باحث عربي، عن أعماله الإبداعية أو البحثية التي تفاعلت مع القضية الفلسطينية، في العاصمة العمانية (مسقط).

ووصلا لريادة مغربية عريقة في الرحلة، ممارسة وتوثيقا وفنا أدبيا، كرس أحفاد ابن بطوطة حضور المغرب في الدورة التاسعة للجائزة التي تحمل اسم الرحالة المغربي الشهير، والتي يمنحها المركز العربي للأدب الجغرافي- (ارتياد الآفاق).

وتسلم جائزة ابن بطوطة بأبو ظبي نور الدين شوبد في فرع تحقيق المخطوطات، ومليكة نجيب في فرع الدراسات، وعبد العزيز الراشدي في الرحلة المعاصرة.

كما فاز المغربي يوسف عبد الهادي الريحاني بجائزة التأليف المسرحي عن مسرحية “جنوب” ضمن فعاليات جائزة دبي الثقافية للإبداع في نسختها الثامنة.

وفي ذات المسابقة عادت الجائزة الثالثة في صنف القصة القصيرة للمغربي عماد أحمد الورداني عن مجموعته “رائحة لا يقبلها أحد” ، وفي صنف الشعر فاز المغربي محمد العناز بالجائزة الرابعة عن مجموعته “كثبان الماء” مناصفة مع محمد هشام مصطفى من مصر عن مجموعته “قم لم يأتنا الماء”، أما في صنف الرواية فقد فاز محسن بن محمد البوكيلي بالجائزة الرابعة عن روايته “الشغوفون”.

في المقابل خلت القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية من أي اسم مغربي للعام الثاني على التوالي، أي منذ تتويج الكاتب محمد الأشعري عن روايته “القوس والفراشة” في دورة 2011، الأمر الذي يسائل انتظام الإشعاع العربي للإبداع السردي المغربي، بغض النظر عن حديث بعض المبدعين المغاربة عن استمرار النزعة المركزية المشرقية في تجاهل الإنتاج الأدبي المغربي، والمغاربي بصفة عامة.

هي شهادات اعتراف من خارج الحدود بمنجز ثقافي وإبداعي مغربي أصيل، وإن كانت لا تشفي غليل الغيورين على الثقافة المغربية الذين يرون في صناعها ومواهبهم قدرة أكبر على العطاء والتميز، تسائل منظومة وطنية متكاملة يفترض أن توفر الدعم الضروري والبنيات اللازمة لمزيد من الإبداع والعطاء في مستوى الثقل التاريخي والرمزي لهذا البلد.