2013 في الصين: انطلاق عقد جديد من الإصلاحات مع جرعة زائدة من الجرأة

(بقلم:عبد الكريم مفكر)

بكين – شهدت الصين خلال 2013 حدثا غطى على غيره، تمثل في إعلان الحزب الشيوعي الحاكم انطلاق عقد جديد من الإصلاحات، كما دأبت البلاد على ذلك منذ أزيد من ثلاثة عقود، غير أن الجديد هذه المرة هو الجرأة التي ميزت الإصلاحات المعلنة.

وتبرز الجرأة في الإصلاحات الجديدة على الخصوص في الدور المحوري الذي منحته لاقتصاد السوق ولعدم تمركز اتخاذ القرار، إضافة إلى إعادة النظر في قانون ملكية الأراضي.

وقد شددت القيادة الجديدة، خلال إعداد هذه الإصلاحات، على تفادي العموميات والإصلاحات التي تم طرحها من قبل، وتقرير إصلاحات محددة “يمكن اختبارها من جانب الشعب والعالم والزمن”.

ويرمي المخطط الإصلاحي، الذي أعلن عنه في أعقاب أعمال الدورة الأخيرة للجنة المركزية للحزب الشيوعي، لمصالحة ثاني أكبر اقتصاد عالمي مع النمو المستدام، مدشنا بذلك لجيل جديد من الإصلاحات.

وركزت الخطة، التي ستوجه السياسة الصينية خلال العقد الحالي، على الدور الحاسم للسوق في توزيع الموارد والسماح للمزارعين بتملك الأراضي. كما تنص على أن يسمح للشركات بالعمل على نحو مستقل والتنافس بشكل عادل، وإزالة الحواجز التي تعوق اقتصاد السوق وتحسين الكفاءة وتحقيق العدالة في توزيع الموارد، بالإضافة إلى وضع قواعد عادلة ومفتوحة وشفافة وتحسين آلية الأسعار.

وفي مجال عدم تمركز القرار، نصت الإصلاحات على إقامة حكومة مركزية “مبسطة” تنتزع منها العديد من الصلاحيات والدفع بتبسيط الإدارة والحد من التدخل الحكومي في السوق، من خلال إلغاء أكثر الموافقات الإدارية ونقل الإشراف إلى الهيئات الحكومية الجهوية والمحلية .

وتم إلغاء أو نقل سلطة القرار من الحكومة المركزية، بخصوص أكثر من 300 شأن إداري لدفع الحكومة للتركيز أكثر على الخدمات العامة مع تشجيع هيئات هذه الخدمات على الاستقلال عن الحكومة لتصبح مؤسسات ومنظمات اجتماعية .

كما شددت الإصلاحات الجديدة على بناء نظام مالي حديث يدعم مبادرة الحكومتين المركزية والمحلية، مع تسريع الإصلاحات في القطاع الاجتماعي، بما في ذلك التعليم والشغل وتوزيع الدخل والضمان الاجتماعي والصحة. واعتبرت وثيقة للحزب الشيوعي الصيني أن الحل الأساسي للصعوبات التي تواجهها البلاد هو “إيجاد علاقة ملائمة بين الحكومة والسوق ومنح الأخير الفرصة للقيام بدور حاسم في توزيع الموارد على أن تقدم الحكومة خدمات أفضل”.

وأوضحت أن المهمة الأساسية هي بناء سوق مفتوح وموحد تسوده منافسة منظمة، مشيرة إلى أنه سيتم جمع الأراضي التي يمكن استخدامها في البناء بالمدن والقرى في سوق واحدة.

يذكر أن الفجوة الكبيرة بين القرى والحواضر والمشاكل التي يثيرها نزع ملكية الأراضي مثلت على الدوام قلقا بالنسبة للسلطات الصينية.

ولتحسين تنسيق الإصلاحات، قررت قيادة الحزب تشكيل فريق مركزي “يتم تكليفه بتصميم الإصلاحات من أجل تعميقها بشكل شامل”.

وكانت الصين قد أطلقت مسيرة الإصلاح والانفتاح منذ 35 عاما، بقيادة دينغ جياو بينغ، مما حولها إلى قوة اقتصادية عالمية وانتشل مئات الملايين من ساكنتها من الفقر، لكن الاستثمار ونمط النمو القائم على التصدير الذي اعتمدته البلاد خلال العقود الأخيرة أصبح يواجه صعوبات كبيرة.

وقد افتقد الاقتصاد الصيني قوته الدافعة وأصبح يرزح تحت عبء الطاقة الصناعية الزائدة والديون الضخمة وارتفاع أسعار المنازل.