موسم طانطان.. الخيام الموضوعاتية الإماراتية واجهة لاكتشاف غنى وتجذر الموروث الثقافي لهذا البلد

   (إعداد .. عز العرب مومني وأحمد الكرمالي)

طانطان – تنتصب على طول ساحة “السلم والتسامح ” التي تقام فيها فعاليات الدورة 12 من موسم طانطان ، التي تنظمها مؤسسة الموكار تحت شعار “ملتقى مغرب التنوع”، مجموعة من الخيام الموضوعاتية الإماراتية التي تجسد مختلف مظاهر الحياة اليومية لهذا البلد وعاداته وتقاليده الضاربة في القدم.

وتتيح هذه الخيام لزوار الموسم، الذي ينظم تحت الرعاية الملكية السامية، اكتشاف مختلف أوجه التراث الثقافي المادي واللامادي لدولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت شريكا فعليا لموسم طانطان، والتعرف عن كثب على نمط العيش والأزياء التي تميز هذا البلد والأطباق التي يشتهر بها، ومنتوجات الصناعة التقليدية التي تخطها أنامل الصانع التقليدي فضلا عن مراسم الزواج وطقوس العرس بالامارات .

ومن المؤكد أن هذه الخيام التي تعكس عراقة وأصالة الموروث الثقافي الإماراتي تعطي لموسم طانطان قيمة مضافة وتجعل منه قبلة لأهل الصحراء والوافدين من مختلف جهات المملكة للتعرف عن قرب على أوجه الشبه بينه وبين التراث المغربي بشكل عام والصحراوي على وجه الخصوص، واكتشاف غنى وتنوع الفنون الشعبية الإماراتية و الأزياء والحلي التقليدية والأكلات الشعبية وأبرز الحرف اليدوية ، فضلا عن كل ما يتعلق بطقوس “الضيافة والقهوة” وأبرز عناصر التراث الإماراتي.

فالمعروضات داخل هذه الخيام لا تقتصر فحسب على منتوجات الصناعة التقليدية والمنسوجات الجلدية بل تتضمن أيضا أشهر الأطباق والحلويات التي تميز دولة الإمارات ولوازم الصيد البحري بهذا البلد.

ومن أبرز المعروضات، التي تستهوي زائر الخيام الإماراتية وتشد انتباهه بقوة، نجد عتاد الإبل الإماراتية التي تستخدم لركوب الإبل والتحكم فيها أو نقل المتاع عليها أو تزيينها، لاسيما “الشداد” و”الخرج” و”البطان” و”الخطام” و”الرصاغ” و”الخناقة” و”القيد” ، التي يستخدم “السدو” في تصنيع الكثير منها.

وقد عرفت حرفة السدو التي يقصد بها حياكة صوف الأغنام بعد قصه وغسله وغزله كخيوط ومن ثم نسجه لاستخراج قطع صوفية جميلة الألوان تستخدم في حياة البدو اليومية مثل الخيام وعتاد الإبل وزينة الجمال، كواحدة من الحرف التقليدية التي مارستها المرأة الإماراتية قديما اعتمادا على أدوات ومعدات لتستخرج منها منسوجات بالغة الجمال والدقة، كما أن أشكال السدو بتصاميمه المختلفة وزخارفه وألوانه الزاهية تشكل لوحات تراثية يتجلى فيها الإبداع الشعبي الإماراتي في أبهى صوره.

كما انه من بين الحرف التقليدية الإماراتية التي بصمت على حضور قوي ووازن في موسم طانطان نجد الغزل الذي يقصد به غزل الصوف واستعمال مواد ونباتات محلية لصبغه، ومنها “الكركم” ونبات النيلة والصبار والزعفران والحناء ، حتى يصير جاهزا لتنسج منه منتوجات مختلفة منها الملابس وعتاد الإبل وقطع السجاد التي تستعمل في تزيين البيوت ووسائد و”مفارش” للجلوس وأغطية متنوعة.

 وبدورها، تحظى الخيمة ، التي تعنى بعناصر التراث الإماراتي ، باهتمام كبير بالنظر إلى كونها تلقي الضوء على عتاد الإبل السدو والبيئة البحرية الإماراتية من خلال عرض حي لهذه العناصر مرفق بشرح بواسطة المعلومات والصور للزوار، كما تضم العديد من المطبوعات التي تستعرض عناصر التراث المعنوي مثل التغرودة والعيالة وعادات الولائم الإماراتية والأزياء الشعبية إضافة الى معرض للصور يؤرخ للعلاقات الإماراتية-المغربية.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم تخصيص حيز من الرواق الإماراتي لعرض مجموعة من إصدارات المكتبة الوطنية الإماراتية وأكاديمية الشعر بهذا البلد، فضلا عن إقامة عرض للأزياء الإماراتية التقليدية يشرف عليه الاتحاد النسائي العام، وعرض للحرف الإماراتية من خلال سوق للحرفيات يبرز فنون الطهي والمأكولات الشعبية والحناء وغيرها من الحرف التقليدية .

كما يضم الرواق الإماراتي معرضا للكتب يتضمن مؤلفات تؤرخ للتراث الإماراتي الضارب في القدم والفنون الشعبية لهذا البلد وكتبا أخرى تعرف بأبرز الكتاب والشعراء الإماراتيين، ومؤلفات ومخطوطات توثق لرياضة الصيد بالصقور، وتراجم لكتب ألفت حول هذه الرياضة الذائعة الصيت بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وأكد فارس خلف المزروعي، رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في تصريح له، أن ” المشاركة الإماراتية الفاعلة في موسم طانطان تندرج في إطار تعزيز جهود التواصل بين أركان التراث الثقافي البدوي الأصيل وتطوير العلاقات الثقافية المتميزة التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بالمملكة المغربية”.

واعتبر السيد المزروعي أن موسم طانطان أضحى تظاهرة ثقافية وفنية مميزة في شمال إفريقيا بالنظر إلى “كونه استطاع تجميع أشكال متنوعة من ثقافات البدو الرحل مما يتيح فرصة لالتقاء الثقافات العربية المختلفة في بوتقة واحدة “.

من جهته، اعتبر عبد الله بطي القبيسي، مدير إدارة الفعاليات والاتصال في اللجنة، أن موسم طانطان يشكل ” مناسبة للتعريف بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تسجيل عناصر التراث المعنوي ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني غير المادي، مبرزا أن المشاركة الإماراتية في فعاليات النسخة الحالية من الموسم حظيت باهتمام كبير”.

يذكر أن فعاليات الدورة الثانية عشرة لموسم طانطان المنظمة تحت شعار “ملتقى مغرب التنوع”، تشكل مناسبة للاحتفال بمختلف مظاهر وأنماط الحياة الصحراوية بعاداتها وتقاليدها الشيء الذي دفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إلى إدراج الموسم ضمن قائمة “روائع التراث الشفهي اللامادي للإنسانية” منذ سنة 2005.

كما تعد هذه التظاهرة تجمعا سنويا للآلاف من رحل الصحراء الكبرى ولحظة يتقاسم خلالها السكان الرحل والزوار والجمهور تجربة متميزة تغوص بهم في أبهى تجليات التنوع والغنى الثقافي للمغرب الصحراوي.