تونس.. تفاؤل بنجاح مسار الانتقال الديمقراطي مشوب بمخاوف من شبح الإرهاب

(من المراسل الدائم للوكالة: عزيز لمسيح)

تونس – بعد أيام قلائل ستحتفل تونس بالذكرى الثالثة لثورتها التي دشنت ما بات يسمى بالربيع العربي، وآمال التونسيين معلقة على سنة 2014 لتكون محطة حاسمة في نجاح الانتقال الديمقراطي والمرور الى وضعية الاستقرار والمؤسسات.

وبالرغم من أجواء الانقسام والتجاذبات السياسية الحادة والأحداث الدرامية التي عاشتها تونس خلال هذه السنة التي شهدت وقوع اعمال ارهابية استهدفت امن واستقرار البلد، وعدد من الاغتيالات السياسية علاوة على تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتعثر العملية السياسية، فإن المراقبين يراهنون على نجاح العملية السياسية وتقدمها في اتجاه ارساء وضع ديمقراطي عادي واعطاء دينامية جديدة لتلك الثورة التي شكلت محطة فارقة في الزمن العربي المعاصر.

في هذا السياق يرى المحلل السياسي فتحي جراي ان “الامور تسير نحو الانفراج ، حيث انه بعد حصول شبه وفاق حول اختيار رئيس الحكومة، سيتم المضي قدما في تشكيل الحكومة القادمة والانتهاء من استحقاقات المسار الديمقراطي من خلال صياغة الدستور وإقراره والاعداد للانتخابات القادمة خلال 8 أشهر”.

ومن جهته سجل الباحث والمحلل السياسي صلاح الدين الجرشي توافر مجموعة من المعطيات التي تذهب في اتجاه ترجيح فرضية نجاح الانتقال “فمسودة الدستور الذي سينهي المرحلة التأسيسية فور صدوره قد حصل فيها تقدم خصوصا على مستوى ترسيخ الحريات وحقوق الانسان والتوافق حول الدولة المدنية”.

ولئن توقف بعض هؤلاء عند مخاطر ومحاذير قد تعصف بالتجربة الديمقراطية في البلاد خصوصا ما يتعلق بالوضع الامني واحتمال تنامي الارهاب مما يشكل خطرا حقيقيا على السيرورة الديمقراطية والامن والاستقرار علاوة على الازمة الاقتصادية والاجتماعية، فإنهم مع ذلك يرون أن النخب السياسية راكمت تجربة كافية من شأنها تعزيز قناعة الاحتكام الى الحوار والتوافق حول المبادئ الكبرى ونبذ الصراعات القاتلة والعمل على إنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي والوصول بالتجربة الى محطة الانتخابات التي من شأنها تكريس خيار المأسسة والصراع الديمقراطي الحر.

في هذا الصدد قال الجرشي إن “2014 ستكون سنة انتخابات بامتياز وستعرف حراكا واسع النطاق على المستوى الحزبي حيث ستتشكل مجموعة من التحالفات الانتخابية التي لا ندري هل ستصمد أم لا¿ وعلى مستوى الحراك الاجتماعي يفترض أن يتم التحكم فيه حتى لا يصبح عائقا أمام نجاح حكومة التكنوقراط”.

ويرى بعض هؤلاء المحللين أن التحدي الرئيسي الذي قد يواجهه الانتقال الديمقراطي يتمثل في خطر الارهاب والوضع الامني الذي قد يصبح عائقا أمام الاستقرار السياسي علاوة على التحدي الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك يعتبرون أن الممارسة الديمقراطية والحقوقية ستعرف تحسنا ملحوظا مع الانتقال الى مستوى الصراع الاجتماعي حول المضامين التنموية.

ويعتبرون أن شعارات الثورة لن تتحقق مرة واحدة بل تتطلب مسارات تتداخل فيها العوامل السياسية بالاقتصادية بالثقافية، من اجل احداث تحول في البنية الذهنية للنخب السياسية ومختلف الفاعلين السياسيين، يشكل المرتكزات الاساسية لبروز وعي عام يحتكم الى قواعد الديمقراطية وقيم الاختلاف ومأسسة الصراع السياسي في المقابل يعتبر البعض أن التجربة السياسية التي شهدتها تونس لم تنضج بالشكل الكافي للتأسيس لديمقراطية بديلة، وأن الاستنزاف الذي تعرض له الحقل السياسي طيلة ثلاثة سنوات من الاحتراب والانقسامات والاختلافات الاديولوجية ستكون له انعكاسات سلبية.

في هذا الاتجاه يرى الباحث في علم الاجتماع مسعود الصافي ان الوضع “سيكون محفوفا بالمخاطر خصوصا مع استفحال الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والامنية علاوة على عودة مراكز مناهضة التغيير وضبابية التحالفات السياسية ، مما يتطلب معه إعادة صياغة استراتيجية الثورة نحو فرز موضوعي للقوى التي تؤمن بالتغيير في مواجهة الردة المتنامبة التي تعمل بدون هوادة من أجل استعادة الوضع القديم، مستغلة في ذلك الظروف الاقليمية والداخلية، وضعف النخب السياسية الحاكمة والمعارضة على حد سواء”