توثيق عقود الزواج .. تقويم الماضي لاستشراف المستقبل

(بقلم : علي رفوح)

الصويرة – داخل قيادة الشياظمة المتواجدة ببلدة تافتاشت (60 كلم عن الصويرة) تحدت رقية، أرملة في الثمانين من عمرها تقطن بجماعة مرامر، الشيخوخة وبعد المسافة لإتمام مسطرة توثيق عقد زواجها على الرغم من أن ذلك يأتي بعد 60 سنة من حياة زوجية جاءت نتاج عقد رمزي هو “الفاتحة”.
تؤكد رقية، التي كانت أمس الخميس تجلس القرفصاء وسط حشد غير اعتيادي جاء لينتهز فرصة وجود جلسات متنقلة للمحكمة الابتدائية للصويرة في إطار حملة توثيق الزواج التي تنظم من 9 إلى 30 يناير الجاري على مستوى عمالة الإقليم، في تصريح لها أنها قررت تقديم طلب لتوثيق زواجها لضمان مستقبل أفضل لأطفالها.
كان ذلك القاسم المشترك بين غالبية المتقدمين بطلبات ثبوت الزوجية الذين قدموا من مختلف الجماعات التابعة لقيادات الشياظمة الشمالية والحنشان والشياظمة الجنوبية وأوناغا ومسكالة، إلى جانب قيادة ركراكة (التي جرت فيها في اليوم ذاته جلسات الاستماع بتالمست)، خلال اليوم الأول لهذه الحملة التي تأتي على بعد شهر من انتهاء الفترة الانتقالية لتلقي طلبات الحصول على ثبوت الزوجية التي حددت في الأسبوع الأول من شهر فبراير المقبل.
وبالفعل، فإن مدونة الأسرة التي تنص المادة 16 منها على أنه “تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج”، كانت قد حددت أجلا يمتد خمس سنوات ابتداء من 5 فبراير 2004 لتمكين المواطنين من الحصول على أحكام ثبوت الزواج، غير أنه تم تمديد هذه الفترة لخمس سنوات إضافية (إلى غاية الأسبوع الأول من فبراير 2014) نظرا للكم الهائل من الطلبات التي تم إيداعها.
ووعيا منهم بأهمية الفرصة الثانية التي منحها لهم المشرع، أكد مقدمو طلبات الاعتراف بالزواج سواء المتزوجون او الأرامل أو الأطفال الذين قدموا لإثبات عقود زواج آبائهم المتوفين أن ما شجعهم على القيام بهذه الخطوة هو الرغبة في تلبية حاجيات أطفالهم بما في ذلك الولوج إلى المدارس والرعاية الصحية والشغل.
وتجمل رقية هذه الحاجيات في وثيقة واحدة تمثل أساس جميع المساطر الإدارية هي بطاقة التعريف الوطنية، بالقول “أريد أن أحصل على ثبوت عقد زواجي من أجل تمكين أطفالي من الحصول على بطاقة التعريف الوطنية”.
ولتحقيق هذه الغاية، حصل الأشخاص المعنيون على كافة التسهيلات الممكنة، حيث تم وضع رهن إشارتهم تسعة قضاة وتسعة كتاب ضبط لمعالجة أكبر عدد من الطلبات في وقت وجيز وفي ظروف حسنة، كما تم تقليص عدد الشهود إلى اثنين فقط بدل ثلاثة كما كان معمولا به في السابق، إضافة إلى تعاون السلطات المحلية لاسيما في ما يتعلق بعقد جلسات الاستماع وتلقي الوثائق الإدارية المطلوبة لتكوين الملفات.
ولضمان مرور هذه الحملة في أحسن الظروف، تم تنظيم حملة تحسيسية على مستوى الإقليم توخت توعية المواطنين بأهمية توثيق عقود الزواج وتشجيعهم على الانخراط في هذه العملية الضرورية لتسوية وضعيتهم ووضعية أطفالهم.
وفي نفس السياق، تم عقد سلسلة من اللقاءات التواصلية مع السلطات والفاعلين المعنيين ولقاءات مباشرة مع المواطنين، لإشراكهم في التحضير لهذه الحملة من خلال توزيع استمارات طلب الاعتراف بالزواج، التي تناسب كل الحالات الممكنة وتجميع الطلبات بالدوائر لتسهيل معالجتها.
وفي الوقت الذي كانت تعج فيه قيادة الشياظمة الشياظمة الشمالية بطالبي توثيق عقود بالزواج والشهود والمرافقين الذي كانوا ينتظرون دورهم، كان القضاة في الداخل منهمكين في معالجة الملفات التي توصلوا بها محاولين قدر الإمكان البت فيها في أقرب الآجال وبالسرعة المطلوبة نظرا للكم الهائل من الملفات التي يتعين عليهم البت فيها في يوم واحد، لكن ذلك لم يمنعهم من التحلي بالدقة واليقظة الضرورية أمام حالات معقدة كما هو الشأن بالنسبة لوفاة أحد الزوجين أو كليهما أو وجود شهود متقدمين في السن يعانون من ضعف السمع والذاكرة أو وجود طالبي اعتراف تحركهم دوافع سيئة.
وقد بذل القضاة جهودا كبيرة للتواصل مع المواطنين ومقارنة المعطيات وتوضيح الوقائع من أجل تجميع الخيوط المتناثرة ودراسة رابط الزوجية موضوع طلب الثبوت والاعتراف قبل الحسم بشكل نهائي في الطلبات.
وأعطت هذه الجهود أكلها حيث تم أمس الخميس معالجة أزيد من 200 ملف، في انتظار أن تتواصل الجلسات المتنقلة للبت في طلبات ثبوت الزوجية بأقرمود يوم 23 يناير الجاري وسميمو يوم 30 من الشهر ذاته.