المغرب حقق تقدما مهما منذ مصادقته على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل سنة 1993 (يونسيف)

(أجرت الحوار نجاة البقالي)

الرباط – أكدت السيدة روجينا دي دومنسيس ممثلة صندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة بالمغرب (اليونيسيف) أن المغرب سجل منذ مصادقته على المعاهدة الدولية لحقوق الطفل سنة 1993 ، تقدما مهما في مجال الاهتمام بحقوق الطفل والنهوض بها وذلك بفضل ” انخراط جماعي لمختلف الفاعلين”.

وذكرت السيدة دي دومنسيس في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بعدد من الانجازات الهامة التي حققها المغرب في هذا الصدد ومنها على الخصوص تعميم الولوج للتمدرس في المستوى الابتدائي وتلقيح الأطفال ضد الأمراض بنسبة تقترب من مائة بالمائة موضحة أن هذه الجهود الميدانية واكبها إصدار تشريعات تتناسق أكثر فأكثر مع الالتزامات الدولية للمملكة.

وبعد أن أشادت بالإرادة السياسية التي عبر عنها المغرب على أعلى المستويات من أجل الانكباب فعليا على ملف النهوض بحقوق الطفل، بما تشكله من قيمة مضافة أساسية من أجل انخراط عملي للبلاد لتحقيق هذه الحقوق بشكل منصف، أبرزت ممثلة “اليونيسف” بالمغرب أن المجتمع المغربي أبان أيضا عن تفاعل ودينامية إيجابيين لفائدة حقوق الطفل.

وقالت في هذا الصدد إن المجتمع المدني المغربي الذي ينشط في مجال الطفل بالمغرب يعد من أهم وأنشط المجتمعات المدنية في المنطقة مؤكدة أن تأثير عمله مؤهل لأن يكون أكثر قوة إذا ما تمت هيكلته بشكل أكبر.

وتابعت أن المجتمع المغربي تمكن أيضا من كسر عدد من الطابوهات التي كانت تعرقل تحقيق تقدم في مجال حقوق الطفل من ضمنها بالخصوص موضوع العنف الجنسي ضد الأطفال وتشغيل القاصرات كعاملات في البيوت.

وسجلت المسؤولة الأممية مع ذلك أن ” التقدم المنجز في مجال حقوق الطفل عموما لم يستفد منه كافة الاطفال” موضحة أنه “في عدد من الحالات يتم قياس هذا التقدم من خلال معدلات وطنية تخفي في كثير من الأحيان فروقا مهمة بين الأطفال الذكور والإناث وبين الجهات وخصوصا بين المدن والقرى وكذا حسب الطبقات الاجتماعية”.

ولدى تطرقها لموضوع معدل الوفيات وسط الأطفال أقل من خمس سنوات ، أشارت السيدة روجينا دي دومنسيس إلى أن المغرب تمكن من تقليص معدل هذه الوفيات على المستوى الوطني، إذ انتقل من 47 بالمائة سنة 2004 إلى 30،4 بالمائة سنة 2011، لافتة إلى أنه ما تزال هناك تحديات مع ذلك يتعين رفعها خاصة في العالم القروي حيث يرتفع معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة ( أزيد من شهر وأقل من سنة) ليسجل 05ر13 بالمائة مقابل 59ر6 بالمائة في الوسط الحضري.

وسجلت ممثلة صندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة بالمغرب (اليونيسيف) أن مجموعة من لأطفال في وضعية صعبة وخاصة الذين يعانون من إعاقة والأطفال المنحدرين من مناطق جغرافية معينة وخصوصا الفتيات، محرومون من الحق في التربية حيث لا يتعدى معدل تمدرس الفتيات في الوسط القروي 8ر57 بالمائة بالنسبة للسلك الإعدادي فيما لا تتجاوز هذه النسبة في السلك الثانوي 18.8 بالمائة ، داعية في هذا الصدد إلى الحرص على تطبيق حقوق الطفل بشكل منصف.

واستعرضت الجهود التي تقوم بها “اليونيسيف” من أجل النهوض بحقوق الطفل وحرصها عل التنسيق مع مختلف المتدخلين موضحة أن “اليونيسيف” طورت في هذا الصدد إطارا للتحليل يوفر إجابات شاملة لعدد من القضايا مضيفة أنه يتم الاشتغال مع الشركاء في التربية الوطنية من اجل توفير تعليم ذي جودة لكافة الأطفال.

وأبرزت السيدة روجينا دي دومنسيس أنه بات من الضروري اليوم أن يتم إدماج مبدأ الإنصاف في السياسات العمومية وفق مقاربة شمولية لإنجاز حقوق الطفل مع تركيز الجهود على الأطفال الأكثر هشاشة من الناحية الاجتماعية، معتبرة أن مشروع السياسة المندمجة لحماية الطفل الذي تطوره الحكومة المغربية بدعم من صندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة يمكن أن يشكل نموذجا رائدا على هذا المستوى.

وذكرت المسؤولة الأممية بأن المغرب انخرط في مسلسل للجهوية المتقدمة معبرة عن قناعتها بأن بناء مغرب جدير بأطفاله يقتضي بالضرورة إقامة جهات جديرة بأطفالها .

واعتبرت أن كل التدابير التي يتم اتخاذها في مجال النهوض بحقوق الطفل قد تبقى غير ذات جدوى ما لم يتم إيلاء الاهتمام اللازم لتغيير عادات وسلوكات اجتماعية ما تزال تعرقل تحقيق الأهداف المرجوة، موضحة أنه إذا كان من الضروري أن تقود الحكومة السياسات في مجال حقوق الطفل فإنه يتعين ايضا إشراك مختلف الشركاء المعنيين سواء تعلق الأمر بجمعيات المجتمع المدني والجامعيين والحقوقيين والقطاع الخاص في إطار المسؤولية الاجتماعية للمقاولات.

وخلصت المسؤولة الأممية إلى أن المدة الفاصلة عن موعد تحقيق الاهداف المسطرة في مخطط العمل الوطني للطفل (2006- 2015) ، تقتضي تكثيف الجهود من مختلف المتدخلين (الدولة أولا والجماعات المحلية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام ومراكز البحث والقطاع الخاص) لتحقيق هذه الأهداف في موعدها المحدد.