الزيارة الملكية الى مالي .. مثال جيد على التزام المغرب بالتعاون جنوب جنوب

( بقلم عبد الغني عويفية)

الرباط – شكلت الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في شتنبر 2013 الى مالي لحضور مراسم تنصيب الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا ، بالاضافة الى طابعها السياسي والإنساني الهام، فرصة لتجسيد التزام المغرب الثابت بسياسة التعاون جنوب جنوب التي أصبحت ضمن أولويات السياسة الخارجية للمملكة.

لقد أظهر المغرب ، المتشبع بجذوره الإفريقية ، تضامنه الدائم مع بلدان القارة ، وذلك من خلال عمله المتواصل من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية مع بلدان هذا الفضاء المدعو الى أن يصبح قطبا اقتصاديا عالميا للتنمية.

وقد جدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس بشكل واضح في الخطاب الذي ألقاه خلال مراسم تنصيب الرئيس كيتا ، بحضور عشرين رئيس دولة و حكومة إفريقية و الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، تشبث المغرب بالتعاون جنوب جنوب .

وقال جلالة الملك خلال هذا الحفل الذي حظي بمتابعة واسعة في مالي وفي العديد من البلدان الإفريقية ” إن المغرب، المتشبث بالتعاون جنوب-جنوب، لن يدخر أي جهد لمواكبة ودعم مالي ، البلد الجار الشقيق، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعتبرونها ذات أسبقية”.

ولإعطاء مضمون ملموس لهذا التعاون في ما بين بلدان الجنوب، و في حالة دولة مالي بالذات، فقد التزم المغرب بتوفير الدعم لبرامج التنمية البشرية في مالي، وخاصة في مجال تكوين الأطر، والبنية التحتية الأساسية والصحة، بالإضافة الى الأهمية التي ينبغي إيلاءها للدور الذي يمكن أن يقوم به رجال الأعمال لتطوير التبادل التجاري والاستثمار. وبكيفية بليغة تعكس روح التعاون الذي يجب أن يسود مجال العلاقات البينية، وجه جلالة الملك نداء لجميع بلدان القارة، الذين لهم دور أساسي يتعين القيام به من أجل إعادة بناء مالي. وتبقى دولة مالي نموذجا جد معبر لمدى التزام المغرب، البلد الذي ربطته ، على مر الزمن ، علاقات عميقة ووثيقة مع بلدان الجنوب، ولا سيما الأفريقية منها.

وبفضل الانفتاح على العالم، الخاصية الثابتة لدى المغرب ، فإن المملكة مؤهلة لإقامة علاقات متنوعة مع أفريقيا.

وقد مكن النمو الاقتصادي الذي تحقق خلال العقد الماضي ، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، من تبوئ المغرب مكانة جيدة تؤهله لتقديم المزيد من الدعم للعلاقات مع أفريقيا ، وبالتالي ، تأكيد تشبثه بسياسة التعاون والتضامن بين بلدان الجنوب.

وتتمركز العديد من الشركات المغربية في عدد من البلدان الافريقية ، لاسيما في المجالات الرئيسية، التي تشكل العمود الفقري لهذا التعاون مثل التجارة ، والنقل، والزراعة والتكوين والتعليم والصحة والتمويل و التكنولوجيات الجديدة.

ويستند هذا التعاون الفعال مع الدول الافريقية على إرث تاريخي صلب حيث كان المغرب سباقا لمساندة القضايا الافريقية منذ السنوات الاولى لإستقلالها، حيث احتضن عام 1960 مؤتمر الدار البيضاء الشهير، برئاسة المغفور له الملك محمد الخامس ، وبمشاركة زعماء كبار من القارة . وقد أدت جهود المغفور له الملك محمد الخامس إلى إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية السابقة في عام 1962. ومنذ ذلك الحين، جعلت المملكة القضايا الافريقية محورا أساسيا في سياستها الخارجية، كما وضعت تطلعات شعوب القارة من أجل التنمية المستدامة في صلب اهتماماتها . إن التضامن الفعال الذي مافتئ المغرب يظهره اتجاه بلدان الجنوب، يجد تفسيره في العلاقات العريقة التي تربط بين المملكة و افريقيا، وهي روابط يتم تجسيدها على أرض الواقع من خلال الجهود التي يبذلها المغرب باستمرار من أجل الدفاع عن القضايا العادلة لهذه البلدان ودعم تطلعاتها التنموية.

وإدراكا للأهمية الاستراتيجية لهذا الاختيار، يسعى المغرب بشتى الوسائل الى تعزيز هذا التعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي.

فمن هذا المنطلق، انضم المغرب سنة 2001 ، الى (تجمع دول الساحل والصحراء سين – صاد ) ، وتعبأ من أجل دعم التنمية في أفريقيا من خلال الدعوة لشراكة جديدة و متجددة في إطار الشراكة من أجل تنمية أفريقيا (نيباد).

وعمل المغرب أيضا على مستوى جميع المحافل الدولية، على تشجيع التجارة بين البلدان الأفريقية، يقينا منه ، أن التجارة والتنمية هما أفضل وسيلة لتمكين شعوب القارة من تحسين ظروفها المعيشية.

كما عمل المغرب على إعطاء التعاون جنوب- جنوب صبغة إنسانية ومتضامنة ، وهو خيار يتجسد من خلال الالتزام الثابت بالقضايا النبيلة للسلام والتنمية ، فضلا عن وقوفه الى جانب بلدان الجنوب في تطلعاتها نحو التقدم والازدهار.