التأهيل الحضري للمدينة العتيقة سلا: برنامج طموح لتثمين تراث عريق وتحقيق التنمية المستدامة

الرباط – يشكل التأهيل الحضري للمدينة العتيقة سلا برنامجا طموحا يسعى إلى تثمين الإرث المعماري والثقافي لهذه الحاضرة التي حملت على مر القرون إشعاعا تاريخيا ساهم في تشكيل تراث حضاري ذي إشعاع عالمي.

ففي بداية القرن التاسع الميلادي، تأسست مدينة سلا التي اشتهرت بمينائها البحري الذي شكل بوابة للتبادل التجاري، فضلا عن الدور الجهاديالذي اضطلعت به المدينة آنذاك، وساهم كل ذلك في تكوين ملامح شخصية متفردة لهذه المدينة التي حافظت على مر الزمن، رغم التلاقح الثقافي الذي عرفته، على هوية متميزة صانت معالمها العديد من المآثر التاريخية التي تزخر بها المدينة.

إن صيانة هذا التراث الإنساني الغني يشكل جوهر برنامج لتأهيل المدينة العتيقة لسلا، يهدف إلى رد الاعتبار لها، لجعلها قادرة علىتحقيق الإشعاع الحضاري والثقافي والإنساني، وذلك أساسا من خلال ترميم المواقع التاريخية وتحسين ظروف عيش الساكنة وتطوير البنيات التحتية،وتعزيز النسيج الحضري والتقليدي للمدينة.

ويشير عمدة المدينة السيد نور الدين الأزرق، في حديث تضمنه العدد الأول لنشرة الجماعة الحضرية لسلا حول برنامج التأهيل، إلى أن هذا البرنامج الذي يهم الفترة ما بين 2013 و 2015، يجسد رؤية استراتيجية مندمجة لتطوير النسيج الحضري للمدينة، يدمج كافة المجالات السوسيو اقتصادية والثقافية والعمرانية، في أفق الاستجابة للطلب المتزايد للساكنة على المرافق والتجهيزات.

ويهدف المشروع، حسب السيد الأزرق، إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للساكنة وتسهيل الولوج إلى الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الضرورية، فضلا عن الارتقاء بالمدينة إلى مستوى قطب سياحي متميز، باعتبارها تتوفر على مؤهلات هامة تجعل منها قطبا سياحيا وثقافيا متميزا، مما سيساهم في تعزيز مكانة المدينة ضمن خريطة التراث العالمي الإنساني.

وتفيد معطيات الجماعة الحضرية لسلا بأن الكلفة الإجمالية لإنجاز برنامج تأهيل المدينة، الذي يشمل ثمانية محاور، تبلغ مليار و88 مليوندرهم، تساهم في تمويلها عدد من الوزارات إلى جانب المجلس الإقليمي والجماعة الحضرية لسلا والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وعدد منالمنعشين العقاريين والجمعيات.

ويعد تأهيل المدينة العتيقة أهم محور ضمن البرنامج، ويرتكز أساسا حول تهيئة المناطق الخضراء والساحات والحدائق والأزقة الرئيسية ، ومحاورالأسواق ،وإعادة تنظيم السير والجولان ، والإنارة العمومية، وتأهيل الفنادق والإقامات ، وتهيئة المساكن القديمة ، واقتناء وتأهيل الفنادق ، ومواكبة الحرف المستهدفة عن طريق الدعم التقني والتكوين، بالاضافة الى المحافظة على الحرف المهددة بالاندثار.

كما يتضمن برنامج التأهيل، ترميم المآثر التاريخية و الدور الآيلة للسقوط ، ومشروع تهيئة كورنيش المدينة والطريق الساحلية وتأهيل الطرقوالمداخل بمدينة سلا والمنشآت الرياضية، ومشروع طريق القنيطرة، إلى جانب الأحياء الناقصة التجهيز من خلال إعداد البنيات الأساسية وشبكات الماء والكهرباء وإنجاز الطرقات والمرافق العمومية.

ان التأهيل الحضري لمدينة سلا يهدف إذن، إلى إعادة الاعتبار لتاريخ هذه المدينة العريقة، من خلال تحقيق إشعاع سوسيو اقتصادي وثقافي يمكن من الارتقاء بالمدينة وتحسين جودة عيش ساكنتها، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة في بعدها الشامل.

بشرى أزور