فرنسا -المغرب: علاقات سياسية متميزة وشراكة اقتصادية فريدة

باريس – شهدت العلاقات السياسية المتميزة، والشراكة الاقتصادية الاستثنائية، بين المغرب وفرنسا سنة 2013 ، دفعة جديدة بفضل الزيارات المتعددة، والاتصالات من مستوى عال بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الفرنسيين، مما يبرهن على عمق وفرادة الروابط الثنائية، والتاريخ المشترك بين البلدين.
وترنو العلاقات المغربية الفرنسية ، التي تندرج ضمن الاستمرارية ، نحو المستقبل، مرتكزة في ذلك على تشاور سياسي دائم ومثمر، وتعاون اقتصادي وثقافي ناجع، وهي علاقات تلاءمت مع مر السنين مع تطورات مجتمعي البلدين واقتصاديهما.
في هذا الصدد مكنت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس  الفرنسي فرانسوا هولاند في أبريل الماضي الى المغرب ، من تعزيز الشراكة المستقبلية ، كما شكلت محطة إضافية ضمن مسار التعاون النموذجي بين البلدين .
وشكلت هذه الزيارة فرصة لرئيس الجمهورية الفرنسية، لتسليط الضوء على المسار المثالي للمغرب “الذي استطاع بناء نموذج تعكس كل مكونات هويته ، عربية كانت أو إسلامية أو أمازيغية أو صحراوية حسانية أو حتى إفريقية وأندلسية ويهودية ، ومتوسطية، كما يؤكد ذلك دستوركم”.
وعلى الصعيد السياسي انتهز هولاند هذه الزيارة لتجديد موقف فرنسا بخصوص قضية الصحراء، واصفا مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بأنه يشكل قاعدة جدية تحظى بالمصداقية من أجل إيجاد حل متفاوض بشأنه لهذا النزاع.
وقال “إن المخطط الذي قدمه المغرب سنة 2007 يقضي بمنح حكم ذاتي موسع لساكنة الصحراء الغربية. وأقول هنا أمامكم، مجددا، إن هذا المقترح يعد أساسا جديا وذا مصداقية من أجل التوصل إلى حل متفاوض بشأنه، لهذا النزاع  الذي ينتظر الحل منذ 30 سنة”.
كما حرص على التذكير بأن فرنسا ” تدعم مساعي الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل الى تسوية سياسية تحظى بقبول الأطراف على أساس قرارات مجلس الأمن .” واعتبر وضع الجمود بخصوص هذا الملف يهدد الأمن بالمنطقة برمتها.
وجدد الرئيس الفرنسي بالمناسبة أيضا، دعم بلاده للمسار الطموح  للاصلاح والانفتاح والتقدم الذي ينهجه  المغرب بثبات وعزم تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس .
وتجسدت جودة العلاقات السياسية بين البلدين بالزيارة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد صلاح الدين مزوار، لباريس في أول تنقل له الى الخارج ، عقب تعيينه ، حيث التقى بنظيره الفرنسي لوران فابيوس.
وتناولت المباحثات بين الطرفين عددا من القضايا الثنائية ، حيث تم التأكيد على تطابق وجهات نظر البلدين ، إزاء العديد من الملفات الاقليمية والدولية، على ضوء عضوية المغرب بمجلس الامن التي تستمر الى غاية متم السنة الجارية.
وعلى المستوى الاقتصادي دعا هولاند خلال زيارته للمغرب رجال الاعمال ورؤساء المقاولات الفرنسيين الى مضاعفة وتنويع استثماراتهم بالمغرب، خاصة عبر المقاولات الصغرى والمتوسطة التي يظل حضورها ضعيفا في المغرب.
ودفع الطابع الفريد لعلاقات التعاون المغربية الفرنسية العديد من المسؤولين الفرنسيين الى الالحاح على أهمية التوطين المشترك بالنسبة للمقاولات الفرنسية، حيث أكد فرانسوا هولاند على أن الشراكة في مجال التوطين المشترك يجب أن تؤدي الى خلق أنشطة اضافية سواء في المغرب او في فرنسا طبقا لمبدإ رابح-رابح و عدم الاقتصار على البحث عن الفرق في تكلفة العمل.
ويدعم الوزير الاول الفرنسي جان مارك أيرو هذا التوجه، حيث ذكر بأن التوطين المشترك في المجال الصناعي كان السنة الماضية موضوع إعلان تم التوقيع عليه خلال الاجتماع من مستوى عال، والذي دخل حيز التنفيذ على غرار نماذج أخرى ناجحة خاصة في مجال صناعة الطيران.
وأضاف في رسالة وجهها الى المشاركين في لقاء نظمته في نونبر الماضي بباريس دائرة الصداقة المغربية الفرنسية، أنه يتعين الاستمرار في هذا النهج وتيسير تنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة ومواصلة مصاحبة مشاريع البنيات التحتية والتوجه معا نحو إفريقيا.
كما أكد وزير الصناعة والتجارة والاستثمارات والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، خلال اللقاء نفسه أن التوطين المشترك يتيح للمقاولات الفرنسية الولوج إلى أسواق جديدة بالحوض المتوسطي وجنوب أوروبا وإفريقيا انطلاقا من المغرب.
من جهته شدد المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات السيد أحمد الفاسي الفهري، خلال مؤتمر لصناعة السيارات نظم مؤخرا بفرنسا على أهمية التوطين المشترك، مشيرا إلى أن المملكة وقعت اتفاقيات للتبادل الحر مع 55 دولة تشكل جسرا بين افريقيا واروبا، يتيح الولوج الى سوق تضم مليار مستهلك.
كما اعتبرت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب السيدة مريم بنصالح شقرون، التي حلت في غشت المنصرم ضيفة على الجامعة الصيفية لمنظمة أرباب المقاولات بفرنسا أن التوطين المشترك، يشكل فرصة حقيقية للمقاولات الفرنسية.
وعلى صعيد آخر شكلت الزيارة التي قام بها لفرنسا وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد مصطفى الخلفي في نونبر الماضي ، فرصة لتعزيز التعاون المغربي الفرنسي في مجال السمعي البصري والسينما والصحافة المكتوبة والتكوين وحقوق المؤلف.
من ناحية أخرى يتسع تطابق وجهات النظر ين البلدين أيضا، ليشمل القضايا الدولية والاقليمية ومنها موضوع مالي، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس في هذا الصدد أنه “تجاوبا مع النداء الاستعجالي للسلطات المالية، وأمام زحف الجماعات الإرهابية المسلحة للسيطرة على البلاد بأكملها وإخضاع ساكنتها، فقد تم التدخل السريع والناجع للقوات الفرنسية مصحوبة بقوات مالية وإفريقية..”.
وتتميز العلاقات المغربية الفرنسية بالدينامية والتنوع والغنى، مما يجعلها واعدة بمستقبل أفضل.