جلالة الملك كان وما يزال حريصا على أن لا تكون عملية السلام على حساب القدس الشريف

الرباط- أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون، السيد صلاح الدين مزوار، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، كان وما يزال حريصا على أن لا تكون لية السلام على حساب القدس الشريف.

وقال السيد مزوار، في حديث نشرته صحيفة (الشرق الأوسط) في عددها اليوم الاثنين، إن الاجتماع المقبل للجنة القدس بمراكش يأتي في ظرفية سياسية دقيقة تجتازها المنطقة ككل، وتقتضي التحلي باليقظة والحذر اللازمين، لتفادي أي تنازلات ممكنة حول هوية القدس الإسلامية التي تسعى إسرائيل إلى ضربها، في ظل الحديث عن بدء المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحت رعاية الولايات المتحدة.

وأضاف أن الاجتماع القادم يمثل، من هذه الزاوية، رسالة واضحة إلى المجموعة الدولية لكي تتحمل مسؤوليتها، ولحمل إسرائيل على وضع حد لأنشطتها الاستيطانية اللامشروعة، والكف عن تماديها في أعمالها الاستفزازية وحثها على التجاوب الإيجابي مع الدينامية الجديدة للمفاوضات الجارية، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع يأتي في سياق المساعي الحثيثة التي ما فتئ جلالة الملك يبذلها لدى الدول الفاعلة والأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية والدول دائمة العضوية والاتحاد الأوروبي من أجل إبراز الأهمية التي تكتسيها قضية القدس الشريف بالنسبة للعالم الإسلامي والمسيحي.

وعن جدول أعمال هذا الاجتماع، أشار وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى أنه سيتناول المواضيع ذات الصلة بثوابت ومرجعيات الشرعية الدولية المرتبطة بهذه القضية، وبالمسؤولية الدولية الجماعية في المحافظة على القدس الشريف كإرث حضاري للإنسانية، فضلا عن المبادرات السياسية والمشاريع الميدانية السوسيو-اقتصادية والتربوية للحفاظ على الطابع الخاص للمدينة المقدسة ومساعدة المقدسيين على الصمود، مع التنديد بالممارسات الاستيطانية الإسرائيلية والانتهاكات التي تقترفها سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف وسياساتها الهادفة إلى تهويده وطمس معالمه.

وأضاف أنه بالموازاة مع ذلك، ستنصب أشغال اللجنة على ضرورة دعم مبادرات بيت مال القدس، الذراع التنفيذي للجنة القدس، من خلال المشاريع الملموسة، السكنية والصحية والتعليمية والاجتماعية، والتي ترمي، بالأساس، إلى تثبيت وجود المقدسيين ومرابطتهم في ديارهم.

وأثار السيد مزوار الانتباه إلى أن المدينة المقدسة تواجه اليوم وضعا غير مسبوق، يجب الحد من مخاطره، مشددا على سياسة الأمر الواقع التي تريد إدارة الاحتلال فرضها عبر مخطط لتهويد القدس الشريف وتغيير المعالم الدينية والحضارية للمدينة، قبل التوصل إلى أي تسوية مفترضة، معربا عن إدانة المغرب الشديدة لهذا المخطط الذي يتنافى مع الوضع القانوني الذي أقرته توصيات الأمم المتحدة، ولكونه سيعطل مسلسل مفاوضات السلام الجارية بل ويهدد بنسفها.

وذكر بأن الرسالة الأخيرة لجلالة الملك إلى بابا الفاتيكان حول مخاطر الإقرار بمشروع تهويد القدس ليست سوى تعبير صريح عن إدانة المغرب واعتراضه الشديد على هذا المشروع الإسرائيلي الهدام، والذي ما فتئ المغرب ينبه إلى مخاطره ويقاومه بشدة عبر مبادرات ميدانية لحماية القدس والاستجابة لتطلعات أهلها، كما ذكر، بالقرارات والمبادرات التي تم اتخاذها في مجمل اللقاءات والمؤتمرات العربية والإسلامية التي انعقدت في المغرب وكذا الدورات السابقة للجنة القدس منذ إحداثها.

وأكد أن القضية الفلسطينية كانت دائما حاضرة في صلب الدبلوماسية المغربية وفي مختلف اللقاءات التي يجريها جلالته مع قادة الدول العظمى، من ذلك لقاء القمة الأخير الذي جمع في منتصف أكتوبر من السنة الماضية بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما والذي تطرق في جانب منه إلى القضية الفلسطينية وسبل استئناف مفاوضات السلام في ضوء التحرك الدبلوماسي الذي تقوم به الإدارة الأمريكية.

وعما حققته اللجنة بعد مرور 24 سنة من إحداثها، سجل السيد مزوار أن اللجنة، برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تبنت على مدى الإثني عشر سنة الماضية مقاربة جديدة تقوم على ركيزتين أساسيتينº هما العمل السياسي والعمل الميداني، وقامت بعدة مبادرات تتمثل أساسا في وضع برامج وخطط كفيلة بحماية وإنقاذ الأماكن المقدسة بالقدس الشريف، وإنجاز مشاريع إعادة إعمار المدينة وترميمها، فضلا عن مشاريع السكن وإقامة مدارس، وأخرى محدثة لمناصب الشغل وغيرها من المشاريع التي تلامس الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني في القدس الشريف.