تدخل فرنسا بإفريقيا الوسطى.. الأولوية لاستعادة الأمن والاستقرار في بلد يغرق في الفوضى

باريس – بعد النزاع المسلح الذي واجه خلاله الجيش المالي سنة 2012 ، متمردي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والذي اضطلعت فيه فرنسا بدور أساسي من أجل إعادة الأمن والسلم إلى البلاد، حصلت باريس مؤخرا على الضوء الأخضر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، من أجل التدخل في إفريقيا الوسطى لاستعادة الأمن والاستقرار بهذا البلد الإفريقي، الذي يغرق في مستنقع من الفوضى.

وقد اتخذ هذا القرار عشية قمة الإيليزيه من أجل السلم والأمن بإفريقيا ، التي جمعت يومي 6 و7 دجنبر الجاري، نحو أربعين من قادة الدول ورؤساء الحكومات من بينهم السيد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، الذي مثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا اللقاء الهام.

وخلال الجلسة الختامية للقمة، أعلن الرئيس فرانسوا هولاند أن التجريدة العسكرية الفرنسية التي تضم 1600 جندي، تكمن مهمتها الأساسية والأولوية في العمل ، ضمن تدخل سريع وناجع على نزع سلاح المليشيات والمجموعات المسلحة التي ترهب السكان وتزرع الرعب في أوساطهم ، من أجل استعادة الاستقرار في هذه الجمهورية، في أفق إجراء انتخابات حرة وشفافة وتعددية.

وفي تبريره لهذا التدخل، أكد الرئيس الفرنسي أن من واجب فرنسا تقديم المساعدة والتضامن مع بلد صديق، مشيرا إلى أن بلاده لا أهداف لها سوى إنقاذ حياة السكان. واقترحت فرنسا، البلد الغربي الوحيد الذي انخرط في حل النزاعات بإفريقيا، شراكة جديدة على مستوى التعاون العسكري بين أروبا وإفريقيا.

وقال الرئيس الفرنسي إن من بين أولويات هذه الشراكة، تقديم المشورة ، والتكوين، والتجهيز والاستخبار من أجل تمكين الجيوش الإفريقية من كافة القدرات الكفيلة بمواجهة تهديدات عدم الاستقرار والتهريب بمختلف أنواعه.

واعتبر في افتتاح قمة الإيليزيه، أنه يتعين على أروبا ألا تكتفي بإظهار التضامن مع الأفارقة في مواجهة إراقة الدماء بالقارة السمراء، بل إنها مدعوة إلى البرهنة عن مسؤوليتها في مواجهة المجموعات المسلحة التي تضرب استقرار الدول وترهب الشعوب.

وفي إطار المنظور الإفريقي للسلام والأمن، التزمت فرنسا بتكوين 20 ألف جندي إفريقي في السنة لمدة خمس سنوات، ووضع رهن إشارة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيداو) والمجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الوسطى (سياك) مستشارين في السياسة العسكرية .

ومن بين القرارات الأخرى الرئيسية التي اتخذت خلال قمة الاليزيه، قرار فرنسا الداعم لإنشاء قيادة عليا لتقديم المشورة في مجال تبادل القدرات الجوية، والدعوة إلى المصادقة على معاهدة الاتجار في الأسلحة من قبل الدول الإفريقية ، وتأمين الحدود ، والأمن البحري ومراقبة تدفق الأموال.

وعلى الرغم من وعي فرنسا باعتبارها قوة استعمارية سابقة، بما ينتظره منها الأفارقة، فإنه لا يمكنها أن تلعب دور الدركي في القارة ، ذلك أن العلاقات بين الأطراف تغيرت ولن تعود إلى سالف عهدها .

واعتبر الإيليزيه في هذا السياق أن عهدا جديدا فتح في إفريقيا التي يتعين عليها استثماره من أجل التمكن من ضمان استقرارها بنفسها، ذلك أن القارة السمراء كانت في الماضي تمتلك قدرات التدخل وقد تمثل ذلك في بروندي وجزر القمر والصومال والجمهورية الديموقراطية للكونغو ومالي.

لكن لا تزال هناك نقائص ووضع من الهشاشة مما يستدعي على وجه الاستعجال إعداد قوات افريقية تكون على أهبة الاستعداد للتصدي لأي تهديد وضمان الأمن بالقارة.

وأكد الرئيس الفرنسي أيضا خلال قمة الايليزيه أن أروبا وإفريقيا اللتين تشكلان مجموعة مشتركة، وتواجهان نفس التهديدات والمخاطر، يتحتم عليهما العمل بتشاور وتقارب والتعبئة من أجل التصدي للمخاطر والتهديدات .

وأشاد عدد من قادة الدول بالتزام فرنسا في بانغي، من بينهم الرئيس المالي إبراهيم بوبكار كيتا الذي رأى في هذا الانخراط “واجبا تاريخيا” للقوة الاستعمارية السابقة. كما نوه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتبني مجلس الأمن للقرار 2127 الذي وصفه ب”المرحلة الهامة والمواتية”.