باحثون يبرزون بمداغ العوالم البنائية المؤسسة للبناء الإنساني ضمن المكون الصوفي

مداغ (إقليم بركان) – أبرز باحثون مغاربة وأجانب، شاركوا في الملتقى العالمي الثامن للتصوف بمداغ بإقليم بركان، العوالم البنائية الكبرى التي يتأسس عليها المعلم البنائي للإنسان ضمن المكون الصوفي من مكونات الثقافة الإسلامية.
وأشاروا خلال هذا الملتقى، المنظم من طرف الطريقة القادرية البودشيشية، إلى كيفية مساهمة هذا المكون الصوفي في كل المتعلقات التي تخص الإنسان، مركزين بذلك على  عدد من الجوانب البنائية الخارجية التي تأتي كثمرة ومحصلة من محصلات السلوك الصوفي التي من بينها ما يرتبط بالثقافي والاقتصادي والبيئي والاجتماعي.
وتطرقوا خلال هذه التظاهرة العلمية إلى المركبات الإنسانية التي يقع عليها فعل البناء والمناهج الممكنة لتحصيله، فضلا عن الخصوصية التي يتميز بها النظر البنائي الصوفي عن غيره من البناءات الأخرى، مشيرين في هذا الإطار إلى الإشكال الكبير المتمحور عليه موضوع البناء المتمثل في هدم الإنسان الذي تظهر معالمه في الواقع المعاصر.
وفي هذا الإطار، اقترح الباحثون المشاركون في هذا الملتقى الرؤية البنائية الصوفية لأجل إعادة الإنسان إلى بنائه الأول الذي يتميز خلافا لغيره من الأنظار البنائية الأخرى بكونه نظرا شموليا يلامس الكون الإنساني من جميع متعلقاته الفكرية والاجتماعية والنفسية والروحية.
من جهة أخرى، تناولت مداخلات مختلف هؤلاء الباحثين على القيم الروحية كما هي في النظر الإسلامي وفعاليتها في بناء الإنسان إلى جانب امتداد هذه الفعالية الروحية للدين الإسلامي عبر المقوم الصوفي بشرط السند والأهلية الروحية والإرشادية التي اضطلع بها شيوخ التربية الصوفية.
وحاولوا بذلك إبراز التقابل الحاصل بين البناء الصوفي الذي يضرب في العمق الإنساني، والبناءات العامة الممكنة التي تتناول المحيط الإنساني أكثر من تناولها للإنسان ذاته.
وأبرزوا في هذا الصدد خصوصية البناء الصوفي الذي ركز أكثر على الباعث النفسي عبر فعل التزكية المتحصل بمحصل خارجي المتمثل في الصحبة للشيخ الذي يمكن الإنسان من رحلته البنائية، ومحصل ذاتي يتجلى في المجاهدة الذاتية لتحصيل هذا البناء، معتبرين أن هذا النظر استطاع، عبر الآليات البنائية التي يتيحها، تقديم نماذج إنسانية راقية كان لها الإسهام الفاعل والفعّال في مجتمعاتها.