“ميدبارك 2013” إشارة قوية عن انتقال المغرب إلى السرعة القصوى في تحقيق مرامي ميثاق “الاقلاع الصناعي”

مطار محمد الخامس الدولي(الدار البيضاء)-(إعداد : رشيد العمري)– شكلت المحطة الصناعية المندمجة “ميدبارك”، التي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينها في 30 شتنبر الماضي بإقليم النواصر، إشارة قوية على أن المغرب عازم على الانتقال إلى السرعة القصوى في تحقيق أهداف ومرامي الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، المسطرة للفترة ما بين 2009 و2015.وتشكل هذه المحطة، الخاصة بمهن صناعة أجهزة الطيران والأنشطة المرتبطة بها، أحد أبرز فضاءات الجيل الجديد التي شهدتها سنة 2013 حيث فسحت المجال لاستقبال أول مصنع بإفريقيا لشركة “بومبارديي” الكندية الرائدة في صناعة الطائرات، مما سيعطي دفعة قوية لهذه الاستراتيجية الوطنية الكفيلة بتقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وتراهن الوزارة الوصية، من خلال هذه البادرة، على أن تكون حافزا قويا على استقطاب المزيد من المقاولات التي بإمكانها الاستفادة، في رحاب هذه المنطقة الصناعية، القريبة من مطار محمد الخامس الدولي وميناء الدار البيضاء، من عروض تنافسية تستجيب لحاجيات المستثمرين المغاربة والأجانب، من تسهيلات ضريبية جذابة وشباك وحيد ووضعية المنطقة الحرة للتصدير، فضلا عن الكفاءات والطاقات المؤهلة التي تزخر بها مختلف معاهد التكوين، التي اتخذت من هذه المنطقة المطلة على مطار محمد الخامس الدولي، فضاء لها.

ويعكس تدشين هذه المحطة الصناعية المندمجة، على غرار نظيراتها “أطلانتيك فري زون” (لتجهيز السيارات) بالقنيطرة، و”تطوان شور” (لترحيل الخدمات)، الإرادة الملكية السامية لتنويع وتوسيع النسيج الصناعي بالمغرب وتثمين إمكاناته الاقتصادية، وذلك بهدف توفير فرص للاستثمار في العديد من القطاعات الصناعية الواعدة وتعزيز جاذبيتها.

وتفيد التوقعات الأولية في هذا الشأن بأن بإمكان محطة “ميدبارك”، التي تصل تكلفتها الإجمالية إلى 6ر887 مليون درهم، إحداث أزيد من 12 ألف منصب شغل مباشر.

وقد بدت ملامح هذه التوقعات تطفو على السطح من خلال رغبة الإدارة العامة لشركة “بومبارديي – المغرب”، في توفير أزيد من 850 منصب شغل مباشر و4400 منصب غير مباشر، مع انطلاقة أشغال مصنعها الجديد في منتصف سنة 2014، والذي رصد لإنجازه غلاف مالي بقيمة 200 مليون دولار أمريكي لإنتاج معدات أنظمة التحكم في الطيران الخاصة بطائرات الأعمال التي تنتجها “آير جيت 70 و75” وطائراتها التجارية من صنف “سي إير جي”.

ومما يؤكد أن هذا القطاع يتجه نحو المسار الصحيح احتضان المغرب، فضلا عن “بومبارديي”، للعديد من الشركات ذات الصيت العالمي من قبيل “إيدس” و”بوينغ” و”سافران” و”داهير” و”سوريو” و”زودياك” و”آيروسبيس” و”إير فرانس آندوستري” و”نيسان”، التي جذبها تموقعه الاستراتيجي الذي يسمح لها باستكشاف أسواق جديدة خاصة بالدول الصاعدة أو الناشئة.

ولمواكبة هذا التدفق المتصاعد من الوحدات الإنتاجية، انخرطت المملكة في العديد من التدابير التنموية تمثلت في الرفع من كفاءات مواردها البشرية في مجال صناعة الطيران والأنشطة ذات الصلة (فضاء، سلامة، استشعار)، والإلكترونيك، واللوجيستيك الصناعي، وذلك من خلال احتضان إقليم النواصر لأكاديمية محمد السادس الدولية للطيران المدني (2000) ومعهد مهن الطيران (2011) بإقليم النواصر.

كما تم تعزيز هذه المؤسسات بمعهد آخر متخصص في مهن معدات الطائرات ولوجيستيك المطارات (11 شتنبر 2013)، على مساحة إجمالية تصل إلى 15 ألف متر مربع، منها 8940 مترا مربعا مغطاة، يضم بهوا صناعيا كبيرا ومحترفات متخصصة في تصنيع الآلات ذات التحكم الرقمي والميكاترونيك ومحركات الطائرات والمواد المركبة لمعدات الطائرات والصباغة وملاءمة وتركيب خلايا الطائرات ولحام الطيران ومعالجة الأسطح.

وبالمناسبة شهد إقليم النواصر أيضا إبرام اتفاقيات شراكة بين الدولة والشركات النشيطة في صناعة الطيران، يتوخى منها التعجيل بتجسيد أربع مشاريع مستقبلية كبرى بقيمة استثمارية تزيد في مجملها عن 120 مليون درهم لتشغيل 268 عاملا في قطاعات عدة تهم الصيانة والتجهيزات والمعدات الإلكترونية والكهربائية والميكانيكية للطيران، فضلا عن العمل على تجميع وتعديل مكونات الطائرات ومعالجة سطحها، بحيث من المرتقب أن تحقق هذه المشاريع رقم معاملات إجمالي يقدر بنحو 403 ملايين درهم.

ولضمان استمرارية هذه المشاريع التنموية وقعت اتفاقيتان أخريان إحداهما تخص إحداث صندوق للاستثمار مخصص أساسا لمواكبة وتمويل استقرار المقاولات الأجنبية وتيسير دخول المقاولات المغربية ومنشئي المقاولات في قطاع الطيران، والثانية تتعلق بربط المحطة الصناعية المندمجة للنواصر، التي تمتد على مساحة 4ر124 هكتار بشبكة الكهرباء ، لتأمين تزويدها بالطاقة.