قمة أمريكا الشمالية .. نحو إعطاء دفعة جديدة لاتفاقية التجارة الحرة (نافتا) وتعزيز التعاون في شتى المجالات

(من مراسل الوكالة بمكسيكو سيتي: الطيب كزرار)

مكسيكو سيتي – تشكل قمة قادة منطقة أمريكا الشمالية، التي ستنعقد غدا الأربعاء بمدينة تولوكا المكسيكية، محطة أساسية لتقييم مسار اتفاقية التبادل الحر (نافتا) الموقعة بين بلدان المكسيك والولايات المتحدة وكندا، وذلك بعد عشرين سنة من دخولها حيز التنفيذ، وكذا لإعطاء دفعة جديدة لهذه المنطقة المركزية بالعالم.
وسيعمل قادة الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، خلال هذه القمة، على بحث الآليات الخاصة الكفيلة بتحديث الاتفاقية، بعد أن وصلت أمريكا الشمالية إلى نوع من التكامل، وذلك بحكم الإمكانيات التي تتوفر عليها المنطقة، والتي تجعلها أكثر تنافسية على الصعيد العالمي.
فعندما تأسست منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) كانت هذه المرة الأولى التي ترتبط فيها اثنتان من الدول الصناعية المتقدمة مع دولة نامية باتفاقية تجارة حرة، وعندما دخلت الاتفاقية حيز التطبيق عام 1994، شكلت “نافتا” أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم آنذاك، حيث أدى الاتفاق إلى انتعاش التجارة بين دول المنطقة، وزادت بمقدار الثلثين، لتصل إلى تريليون دولار سنويا.
ويحضر القمة كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ورئيس الوزراء الكندي ستيفين هاربر، والرئيس المكسيكي إنريك بينيا نييتو، حيث سينكب القادة على دراسة مستقبل السوق الحرة بين دولهم، والملفات التي تكتسي أهمية بالنسبة لجميع ساكنة أمريكا الشمالية، من بينها التنافس الاقتصادي والشراكة والتجارة والاستثمارات وأمن الأفراد، فضلا عن الفرص المتاحة لتعزيز العلاقات بين دول “النافتا” الثلاث التي تضم حوالي 460 مليون نسمة.
ويبلغ إجمالي حجم التجارة بين دول “النافتا”، حسب تصريحات العديد من المسؤولين، حوالي 3 مليارات دولار يوميا، ويذهب أزيد من من 80 بالمئة من صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة وكندا. فى حين تزيد صادرات الولايات المتحدة إلى المكسيك عن صادراتها إلى البرازيل والصين والهند وروسيا مجتمعة. كما يوجد في الولايات المتحدة حوالي 6 ملايين وظيفة تعتمد على التصدير إلى المكسيك.
وإذا كانت دول “النافتا” قد ركزت في منتصف تسعينيات القرن الماضي على الدول المجاورة، فإنها باتت اليوم تبحث عن شركاء خارج المنطقة خاصة في آسيا وأوروبا. وفي هذا السياق فقد وقعت المكسيك وكندا بالفعل اتفاقيات لتحرير التجارة مع الاتحاد الأوروبى، في حين تتفاوض الولايات المتحدة بشأن اتفاقية مماثلة، كما تجرى الدول الثلاث محادثات لتحرير التجارة مع عدد أكبر من الدول في إطار “الشراكة عبر المحيط الهادي”، التي تضم 12 دولة آسيوية وأمريكية.
وتتمثل أهمية اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) في كونها وضعت، حسب مسؤولي البلدان الثلاثة، “معيارا عالميا جديدا من التكامل الاقتصادي”، حيث أظهرت الاتفاقية أن زيادة التبادل التجاري يدفع إلى خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي، وتضع قاعدة صلبة تستطيع من خلالها القدرة التنافسية في أمريكا الشمالية أن تستمر في التحسن لصالح جميع المواطنين.
وفي هذا السياق، قال سيرجيو ألكوسير دي كاسترو المسؤول عن أمريكا الشمالية في وزارة الخارجية المكسيكية، أول أمس الاحد خلال مؤتمر صحفي، إن بلدان أمريكا الشمالية تتطلع من خلال التحالف عبر المحيط الهادي لتغطية الجوانب التي لم تكن موجودة قبل 20 عاما، مشيرا إلى أن المكسيك والولايات المتحدة وكندا لديها رؤية مشتركة بخصوص المفاوضات مع التحالف، وذلك بغرض إعطاء دفعة على مستوى القدرة التنافسية وجعل المنطقة الأكثر ديناميكية في العالم، على أساس اتفاق للتجارة الحرة (نافتا) ومن خلال اقتصاد المعرفة الذي يخدم مواطني الدول الثلاث .
وأوضح المسؤول المكسيكي أن المحاور الأربعة الكفيلة بجعل المنطقة الأكثر تنافسية تتمثل في إحداث مناصب شغل أكثر وأفضل للأشخاص وتسهيل تنقلهم، وإرساء تعاون جديد في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعليم، وتعزيز الأمن بالبلدان الثلاثة، وكذا إرساء أشكال جديدة للتعاون.
وأضاف أن أمريكا الشمالية أضحت، خلال 20 عاما الماضية، المنطقة التي تولد 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وذلك من خلال تبادلات تجارية بلغت قيمتها 176 مليار دولار بين عامي 1999 و2013 ، مشددا على أن ما يهم أكثر ليس فقط تبادل الاستثمار والتجارة، ولكن أيضا تعزيز التعاون في مجال التعليم والابتكار وتبادل التكنولوجيا والتعاون الدولي .
وبدوره، أبرز سفير المكسيك في الولايات المتحدة إدواردو ميدينا مورا، أن نافتا شكلت آلية هامة لتعزيز العلاقات خلال السنوات الأخيرة، وذلك ما يعكسه معدل نمو التجارة ما بين البلدان الثلاثة بواقع 265 في المئة، مشيرا إلى أنه ما بين عامي 1999 و2013 نمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة للولايات المتحدة وكندا في المكسيك بنسبة 56 في المئة.